فصل: سنة إحدى وستين وثلاثمئة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: العبر في خبر من غبر (نسخة منقحة)



.سنة خمس وخمسين وثلاثمئة:

فيها أخذ ركب مصر والشام، وهلك الناس، وتمزقوا في البراري، فلا قوة إلا بالله، أخذتهم بنو سليم.
وفيها توفي الجعابي الحافظ أبو بكر محمد بن عمر بن محمد بن سلم التميمي البغدادي، سمع يوسف بن يعقوب القاضي، ومحمد بن الحسن بن سماعة وطبقتهما، وصنف الكتب وتوفي في رجب، وله اثنتان وسبعون سنة، وكان عديم المثل في حفظه.
قال القاضي أبو عمر الهاشمي: سمعت ابن الجعابي يقول: أحفظ أربعمئة ألف حديث، وأذاكر بستمئة ألف حديث.
قال الدارقطني: خلط: ثم ذكر أنه كان شيعياً، وقيل كان يترك الصلاة، نسأل الله العفو.
وفيها أبو الحكم منذر بن سعيد البلّوطي، قاضي الجماعة بقرطبة. سمع من عبيد الله بن يحيى اللَّيثي، وكان ظاهريّ المذهب، فطناً مناظراً، ذكياً بليغاً، مفوهاً شاعراً كثير التصانيف، قوّالاً بالحق، ناصحاً للخلق، عزيز المثل، رحمه الله، عاش اثنتين وثمانين سنة.
وفيها محمد بن معمر بن ناصح، أبو مسلم الذُّهلي الأديب، بأصبهان، روى عن أبي بكر بن أبي عاصم، وأبي شعيب الحراني، وطائفة.

.سنة ست وخمسين وثلاثمئة:

فيها أقامت الرافضة المأتم على الحسين، على العادة المارّة، في هذه السّنوات.
وفيها مات السّلطان معز الدَّولة، أحمد بن بويه الدَّيلمي، وكان في صباه يحتطب، وأبوه يصيد السمك، فما زال إلى أن ملك بغداد، نيّفاً وعشرين سنة، ومات بالإسهال، عن ثلاث وخمسين سنة، وكان من ملوك الجور والرَّفض، ولكنه كان حازماً سائساً مهيباً وقيل إنه رجع في مرضه على الرفض، وندم على الظلم، وقيل إن سابور ذا الأكتاف أحد ملوك الفرس من أجداده، وكان أقطع، طارت يده في بعض الحروب، وتملّك بعده ابنه عز الدولة بختيار.
وفيها توفي أبو محمد المعقلي، أحمد بن عبد الله بن محمد المزني الهروي، أحد الأئمة.
قال الحاكم: كان إمام أهل خراسان بلا مدافعة، سمع أحمد بن نجدة، وإبراهيم بن أبي طالب، ومطيّناً وطبقتهم، وكان فوق الوزراء، وكانوا يصدون عن رأيه.
والقالي أبو علي إسماعيل بن القاسم البغدادي االلغوي النحوي الأخباري، صاحب التصانيف، ونزيل الأندلس بقرطبة، في ربيع الآخر، وله ست وسبعون سنة، أخذ الآداب عن ابن دريد، وابن الأنباري، وسمع من أبي يعلى الموصلي، والبغويّ، وطبقتهما، وألّف كتاب البارع في اللُّغة في خمسة آلاف ورقة، ولكن لم يتمّه.
والرفّاء، أبو علي حامد بن محمد الهروي الواعظ المحدّث بهراة، في رمضان، روى عن عثمان الدّارمي، والكديمي، وطبقتهما. وكان ثقة، صاحب حديث.
والرّافقي، أبو الفضل العباس بن محمد بن نصر بن السَّريِّ. روى عن هلال بن العلاء وجماعة. وتوفي بمصر.
قال يحيى بن علي الطحان: تكلّموا فيه.
وعبد الخالق بن أبي الحسن بن علي أبو محمد السَّقطي المعدَّل، ببغداد، روى عن محمد بن غالب تمتام، وجماعة.
وسنقة، أبو عمرو عثمان بن محمد البغدادي بن السَّقطي، سمع الكديمي، وإسماعيل القاضي، ومات في آخر السنة، وله سبع وثمانون سنة.
وصاحب الأغاني، أبو الفرج علي بن الحسين الأموي الأصبهاني، الكاتب الأخباري، روى عن مطيّن فمن بعده، وكان أديباً نسّابة علامة شاعراً، كثير التصانيف، ومن العجائب أنه مرواني يتشيع، توفي في ذي الحجة، عن ثلاث وسبعين سنة.
وفيها سيف الدولة، على بن عبد الله بن حمدان بن حمدون التَّغلبي الجزري، صاحب الشام، بحلب، في صفر، وله بضع وخمسون سنة، وكان بطلاً شجاعاتً كثير الجهاد، جيد الرأي، عارفاً بالأدب والشعر جواداً ممدّحاً، مات بالفالج، وقيل بعسر البول، وكان قد جمع من الغبار الذي أصابه في الغزوات، ما جاء منه لبنةً بقدر الكف، وأوصى أن يوضع خدّه إذا دفن عليهما، وتملَّك حلب بعده، ابنه سعد الدَّولة خمساً وعشرين سنة.
وفيها في جمادى الأولى، وقيل في العام الآتي، كافور أبو المسك الحبشي الأسود، الخادم الإخشيدي، صاحب الديار المصرية، اشتراه الإخشيد، وتقدّم عنده حتى صار من أكبر قوّاده، لعقله ورأيه وشجاعته، ثم صار أتابك ولده من بعده، وكان صبيّاً، فبقي الاسم لأبي القاسم أنوجور، والدَّست لكافور، فأحسن سياسته، إلى أن مات أنوجور ومعناه بالعربي محمود في سنة تسع وأربعين، عن ثلاثين سنة، وأقام كافور في الملك بعده، أخاه عليّا، إلى أن مات في أوّل سنة خمس وخمسين، وله إحدى وثلاثون سنة، فتسلطن كافور، واستوزر أبا الفضل جعفر بن حنزابة، وعاش بضعاً وستين سنة.
وفيها أبو الفتح عمر بن جعفر بن محمد بن سليم الختَّلي، الرجل الصّالح، ببغداد، وله خمس وثمانون سنة، روى عن الكديمي وطبقته.

.سنة سبع وخمسين وثلاثمئة:

لم يحجّ الرّكب لفساد الوقت، وموت السلاطين في الشهور الماضية.
وفيها توفي أحمد بن الحسن بن إسحاق بن عتبة الرّازي ثم المصري المحدث أبو العباس، في جمادى الآخرة، وله تسع وثمانون سنة، سمع مقدام ا بن داود الرُّعيني وطبقته.
وأحمد بن محمد بن رميح، أبو سعيد النّخعي النَّسوي الحافظ، صاحب التصانيف، طوّف الكثير، وروى عن أبي خليفة الجمحي وطبقته، والصحيح أنه ثقة، سكن اليمن مدّة.
وفيها المتّقي لله أبو إسحاق بن إبراهيم بن المقتدر بالله جعفر ابن المعتضد بالله أحمد بن الموفق العباسي المخلوع، وقد ذكرنا في سنة ثلاث وثلاثين، أنهم خلعوه، وسلموا عينيه، وبقي في السجن إلى هذا العام كالميّت، ومات في شعبا ن، وله ستون سنة، وكانت خلافته أربع سنين، وكان أبيض مليحاً مشرب حمرة، أشهل أشقر، كثّ اللحية، وكان فيه صلاح وكثر صلاة وصيام، ولم يكن يشرب، في خلافته انهدمت القبة الخضراء المنصورية، التي كانت فخر بني العباس.
وحمزة بن محمد بن علي بن العباس، أبو القاسم الكناني المصري الحافظ، أحد أئمة هذا الشأن. روى عن النَّسائي وطبقته، وأكثر التَّطواف بعد الثلاثمئة، وجمع وصنّف، وكان صالحاً ديناً، بصيراً بالحديث وعلله، مقدّماً فيه، وهو صاحب مجلس البطاقة، توفي في ذي الحجة، ولم يكن للمصريين في زمانه أحفظ منه.
وفيها القاضي أبو العبّاس، عبد الله بن الحسين بن الحسن بن الحسن بن أحمد بن النَّضر البصري المروزي، محدّث مرو، في شعبان، وله سبع وتسعون سنة، رحل به أبوه، وسمع من الحارث بن أبي أسامة، وأبي إسماعيل التِّرمذي وطائفة، وانتهى إليه علوّ الإسناد بخراسان.
وعبد الرحمن بن العباس، أبو القا سم البغدادي، والد أبي طاهر المخلِّص، سمع الكديمي، وإبراهيم الحربي، وجماعة. وثّقة ابن أبي الفوارس وكان أطروشاً.
وفيها الحافظ عمر بن جعفر البصري، المحدّث أبو حفص، خرّج لخلق كثير، ولم يكن بالمتقن، وقد روى عن أبي خليفة الجمحي، وعبدان وطبقتهما، وعاش سبعاً وسبعين سنة.
وأبو إسحاق القراريطي الوزير، وهو محمد بن أحمد بن إبراهيم الإسكافي الكاتب، وزر لمحمد بن رائق، ثم وزر للمتقي لله مرتين، وصودر، وصار إلى الشام، وكتب لسيف الدولة، وكان ظلوماً غشوماً، عاش ستاً وسبعين سنة.
وابن مخرم، وهو الرئيس أبو عبد الله محمد بن أحمد بن علي بن مخلد البغدادي الجوهري، الفقيه المحتسب، تلميذ محمد بن جرير الطبري، روى عن الحارث بن أبي أسامة وطبقته، وعاش ثلاثاً وتسعين سنة. وقال البرقاني: لا بأس به. توفي في ربيع الآخر.
وفيها أبو سليمان الحرّاني، محمد بن الحسين، ببغداد، في رمضان، روى عن أبي خليفة، وعبدان، وأبي يعلى، وكان ثقة صاحب حديث ومعرفة.
وأبو علي بن آدم الفزاري، محمد بن محمد بن عبد الحميد القاضي العدل، بدمشق في جمادى الآخرة، روى عن أحمد بن علي القاضي المروزي وطبقته.

.سنة ثمان وخمسين وثلاثمئة:

فيها كان خروج الروم من الثغور، فأغاروا وقتلوا وسبوا ووصلوا إلى حمص، وعظم المصاب، وجاءت المغاربة مع القائد جوهر المغربي، فأخذوا ديار مصر وأقاموا الدَّعوة لبني عبيد الرافضة، مع أن دولة معز الدولة بالعراق هذه المدة، رافضية. والشعار الجاهلي، يقام يوم عاشوراء يوم الغدير.
وتوفي فيها ناصر الدولة، الحسين بن أبي الهيجاء، عبد الله ابن حمدان التَّغلبي، صاحب الموصل، وكان أخوه سيف الدولة يتأدّب معه، لسنّه ومنزلته عند الحلفاء، وكان هو كثير المحبة لسيف الدولة، فلما توفي، حزن عليه ناصر الدولة، وتغيّرت أحواله، وتسودن وضعف عقله، فبادر ولده أبو تغلب الغضفي، ومنعه من التصرّف وقام بالمملكة، فلم يزل معتقلاً، حتى توفي في ربيع الأول، عن نحو ستين سنة.
وفيها الحسن بن محمد بن أحمد بن كيسان، أبو محمد الحربي، أخو علي، وهو ثقة، روى عن إسماعيل القاضي والكبار، ومات في شوال.
وفيها أبو القاسم زيد بن علي أبي بلال العجلي الكوفي، شيخ الإقراء ببغداد، قرأ على أحمد بن فرج، وابن مجاهد، وجماعة، وحدّث عن مطيّن وطائفة، توفي في جمادى الأولى.
ومحدث دمشق، محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الملك بن مروان، أبو عبد الله القرشي الدّمشقي، روى عن أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة، وزكريا، خيّاط السُّنّة وطبقتهما. وكان ثقة مأموناً جواداً مفضلاً، خرّج له ابن مندة الحافظ، ثلاثين جزءاً، وأملى مدّة.
وفيها محدث الأندلس، محمد بن معاوية بن عبد الرحمن، أبو بكر الأموي المرواني القرطبي، المعروف بابن الأحمر. روى عن عبيد الله بن يحيى وخلق، وفي الرِّحلة عن النَّسائي والفريابي، وأبي خليفة الجمحي، ودخل الهند للتجارة، فغرق له ما قيمته، ثلاثون ألف دينار، ورجع فقيراً، وكان ثقة. توفي في رجب، وكان عنه السنن الكبير للنسائي.

.سنة تسع وخمسين وثلاثمئة:

في أولها، أخذ نقفور أنطاكية، بنوع أمان، فأسر الشباب،
وأطلق الشيوخ والعجائز، وكان قد طغى وتجبّر، وقهر البلاد، وتمرَّد على الله، وتزوج بزوجة الملك الذي قبله كرهاً، وهمّ بإخصاء ولديها، لئلا يملكها، فعملت عليه الامرأة، وراسلت الدُّمستق، فجاء إليها في زيّ النساء، هو وطائفة، فباتوا عندها ليلة الميلاد، فبيّتوا نقفور، وأجلسوا في المملكة ولدها الأكبر.
وفيها توفي أبو عبد الله، أحمد بن بندار إسحاق الشَّعَّار الفقيه، مسند أصبهان. روى عن إبراهيم بن سعدان، وابن أبي عاصم، وطائفة، وكان ثقة ظاهريّ المذهب.
وأحمد بن السِّندي، أبو بكر البغدادي الحدّاد، روى عن الحسن بن علويه وغيره. قال أبو نعيم: كان يعدّ من الأبدال.
وأحمد بن يوسف بن خلاّد، أبو بكر النَّصيبي العطّار، ببغداد، في صفر وكان عريّاً من العلم، وسماعه صحيح، روى عن الحارث بن أبي أسامة وتمتام، وطائفة.
وحبيب بن الحسن القزاز، أبو القاسم الرجل الصالح، وثقة جماعة، وليّنة بعضهم، روى عن أبي مسلم الكجِّي وجماعة.
وأبو علي بن الصوّاف، محمد بن أحمد بن الحسن البغدادي، المحدّث الحجّة. روى عن محمد بن إسماعيل التِّرمزي، وإسحاق الحربي وطبقتهما. قال الدَّارقطني: ما رأت عيناي مثله، ومثل آخر بمصر.
قلت: قد مات في شعبان، وله تسع وثمانون سنة.
وأبو الحسن محمد بن علي بن حبيش البغدادي الناقد، روى عن أبي شعيب الحرّاني، ومطيّن.

.سنة ستين وثلاثمئة:

فيها لحق المطيع لله فالج، بطل نصفه وثقل لسانه، وأقامت الشَّيعة عاشوراء باللطم والعويل، وعيد الغدير بالفرح والكوسات.
وفيها جعفر بن فلاح، الذي ولي إمرة دمشق للباطنية، وهو أول نائب وليها لبني عبيد، وكان قد سار إلى الشام،، فأخذ الرَّملة، ثم دمشق، بعد أن حاصر أهلها أياماً، ثم قدم لحربه، الحسن بن أحمد القرمطي، الذي تغلّب قبله على دمشق، وكان جعفر مريضاً على نهر يزيد، فأسره القرمطي وقتله.
وفيها زيري بن مناد الحميري الصَّنهاجي، جدّ المعزّ بن باديس وصاحب تاهرت، وهو الذي بنى مدينة أشير وحصّنها، قتل في مصاف بينه وبين أهل الأندلس في رمضان.
وفيها الطَّبراني، الحافظ العلم، ومسند العصر، أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب اللَّخمي، في ذي القعدة، بأصبهان، وله مائة سنة وعشرة أشهر، وكان ثقة صدوقاً، واسع الحفظ، بصيراً بالعلل والرّجال والأبواب، كثير التصانيف، وأوَّل سماعه في سنة ثلاث وسبعين ومائتين بطبريّة، ورحل أوّلاً، إلى القدس، سنة أربع وسبعين، ثم رحل إلى قيسارية، سنة خمس وسبعين، سمع من أصحاب محمد بن يوسف الفريابي، ثم رحل إلى مصر وجبلة، ومدائن الشام، وحج ودخل اليمن، ورد إلى مصر، ثم رحل إلى العراق وأصبهان وفارس. روى عن أبي زرعة الدمشقي، وإسحاق الدَّبري وطبقتهما.
وفيها الطُّوماري، أبو علي عيسى بن محمد البغدادي، في صفر، وله ثمان وتسعون سنة، وليس بالقويّ، يروي عن الحارث بن أبي أسامة، وابن أبي الدنيا، والكديمي وطبقتهم.
وفيها أبو بكر بن جعفر بن الهيثم الأنباري البندار، روى عن أحمد بن الخليل البرجلاني، ومحمد بن أحمد بن أبي العوّام، وتفرّد بالرواية عن جماعة، وتوفي يوم عاشوراء، وله ثلاث وتسعون سنة، وأصوله حسنة، بخط أبيه.
وفيها أبو عمرو بن مطر النَّيسابوري الزاهد الحافظ، شيخ السنّة، محمد بن جعفر بن محمد بن مطر المعدَّل. روى عن أبي عمرو أحمد بن المبارك المستملي، ومحمد بن أيوب الرّازي، وطبقتهما. وكان متعففاً قانعاً باليسير، يحيى الليل، ويأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، ويجتهد في متابعة السُّنّة. توفي في جمادى الآخرة، وله خمس وتسعون سنة.
ومحمد بن جعفر بن محمد بن كنانة، أبو بكر البغدادي المؤدب، روى عن الكديمي، وأبي مسلم الكجِّي. قال ابن أبي الفوارس: فيه تساهل، قلت: توفي عن أربع وتسعين سنة.
ومن غرائب الاتفاقات، موت هؤلاء الثلاثة، في سنة واحدة، وهم في عشر المائة، وأسماؤهم وآباؤهم وأجدادهم، شيء واحد.
وابن العميد، الوزير العلامة، أبو الفضل محمد بن الحسين ابن محمد الكاتب، وزير ركن الدولة، الحسن بن بويه، صاحب الرَّيّ، كان آية في التَّرسُل والإنشاء، فيلسوفاً، متَّهماً برأي الحكماء، حتى كان ينظر بالجاحظ، وكان يقال: بدئت الكتابة بعبد الحميد، وختمت بابن العميد، وكان الصاحب إسماعيل بن عباد، تلميذه وخصيصه وصاحبه، ولذلك قالوا الصاحب، ثم صار لقباً.
وفيها الآجرِّي، الإمام أبو بكر محمد بن الحسين البغدادي المحدث، صاحب التصانيف، سمع أبا مسلم الكجِّي، وأبا شعيب الحرّاني، وطائفة، وجاور بمكة، وبها توفي في المحرم كان ثقة ديّنا، صاحب سنّة.
وفيها أبو طاهر بن ذكوان البعلبكِّي المؤدِّب، محمد بن سليمان، نزيل صيدا ومحدّثها، قرأ القرآن على هارون الأخفش، وسمع أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة، وزكريا بن يحيى خيّاط السنّة، وطبقتهما. وعاش بضعاً وتسعين سنة. روى عن السَّكن بن جميع، وصالح بن أحمد الميانجي، وقرأ عليه عبد الباقي بن الحسين، شيخ أبي الفتح بن فارس.
وأبو القاسم بن أبي يعلي الهاشمي الشريف، لما أخذت العبيديون دمشق، قام الشريف بدمشق، وقام معه أهل الغوطة والشباب، واستفحل أمره في ذي الحجة، سنة تسع وخمسين، وطرد عن دمشق متولِّيها، ولبس السواد، وأعاد الخطبة لبني العباس، فلم يلبث إلا أيّاماً، حتى جاء عسكر المغاربة، وحاربوا أهل دمشق، وقتل بين الفريقين جماعة، ثم هرب الشريف في الليل، وصالح أهل البلد العسكر، ثم أسر الشريف عند تدمر، فشهره جعفر بن فلاح على جمل، في المحرم، سنة ستين، وبعث به إلى مصر فضَّل.
وقد توفي في عشر الستّين وثلاثمائة خلق، منهم: أحمد بن القاسم بن كثير بن الريان، أبو الحسن المصري الملكي، نزيل البصرة، روى عن الكديمي، وإسحاق الدَّبري وطبقتهما.
قال ابن ماكولا: فيه ضعف، وقال الحافظ أبو محمد الحسن بن علي البصري:
سمعت منه وليس بالمرضي.
وأحمد بن طاهر بن النجم، الحافظ أبو عبد الله الميانجي، محدّث أذربيجان. قال أبو الحسين أحمد بن فارس اللغوي: ما رأيت مثله، ولا رأى مثل نفسه. وقال الخليل: توفي بعد الخمسين، سمع أبا مسلم الكجِّي، وعبد الله بن أحمد.
وأبو الحسن بن سالم الزاهد، أحمد بن محمد بن سالم البصري، شيخ السالميّة، وكان له أحوال ومجاهدات وعنه أخذ الأستاذ أبو طالب صاحب القوت، وهو آخر أصحاب سهل التستري وفاة، وقد خالف أصول السنَّة في مواضع، وبالغ في الإثبات في مواضع، وعمر دهراً، وبقي إلى سنة بضع وخمسين.
وأبو حامد أحمد بن محمد بن شارك الفقيه الشافعي، مفتي هراة ومحدثها، ومفسرها وأديبها، رحل الكثير وعني بالحديث، وروى عن محمد بن عبد الرحمن السَّامي، والحسن بن سفيان، وطبقتهما. توفي سنة خمس وخمسين، وقيل سنة ثمان وخمسين.
وإبراهيم بن عبد الله بن محمد بن أبي العزايم، أبو إسحاق الكوفي، صاحب أبي عمرو أحمد بن أبي غرزة الغفاري.
وأبو علي النجّاد الصغير، وهو الحسين بن عبد الله البغدادي الحنبلي، تلميذ أبي محمد البربهاري، صنّف في الأصول والفروع.
وفيها أبو محمد الرَّامهرمزي، الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد الحافظ القاضي، صاحب المحدِّث الفاضل روى عن مطيّن، ومحمد بن حيّان المازني وطبقتهما. قال أبو القاسم عبد الرحمن بن منده: عاش إلى قريب الستين وثلاثمئة.
والجابري، عبد الله بن جعفر بن إسحاق الموصلِّي، صاحب الجزء المشهور به، وشيخ أبي نعيم الحافظ، روى عن محمد بن أحمد بن أبي المثنّى وغيره.
وأبو عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن أحمد بن علَّك المروزي الجوهري المحدث، محدث مرو ومسندها، روى عن الفضل الشَّعراني، ومحمد بن أيوب بن الضريس.
وكشاجم، أحد فحول الشعراء، واسمه محمود بن حسين.
وأبو حفص العتكي الأنطاكي، عمر بن علي، روى عن ابن جوصا، والحسن بن أحمد بن قيل، وطبقتهما.
وأبو العباس محمد بن أحمد بن حمدان الزاهد، أخو أبي عمرو بن حمدان، نزل خوارزم، وحدّث بها، عن محمد بن أيوب بن الضُّريس، ومحمد ابن عمرو قشمرد، وطبقتهما أكثر عنه البرقاني.
ومحمد بن أحمد بن محمد بن يعقوب الأصبهاني القمّاط، روى عن أبي بكر بن أبي عاصم، وغيره.
وفيها أبو جعفر الروذراوري، محمد بن عبد الله بن برزة، حدّث بهمذان، سنة سبع وخمسين، عن تمتام، وإسماعيل القاضي، وإبراهيم بن ديزيل. قال صالح بن أحمد الحافظ: هو شيخ حضرته، ولم أحمد أمره، والحمد لله.
والنقوي، أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّنعاني، آخر من روى في الدنيا عن إسحاق الدَّبري، وبقي إلى سنة سبع وستين وثلاثمئة، ورحل المحدثون إليه.
والنَّجيرمي، أبو يعقوب يوسف بن يعقوب البصري، حدّث في سنة خمس وستين، عن أبي مسلم الكجِّي، ومحمد بن حبّان المازني، وعدّة.

.سنة إحدى وستين وثلاثمئة:

فيها أخذ ركب العراق، اعترضته بنو سليم وبنو هلال، وقتلوا خلقاً، وبطل الحجّ، إلا طائفة نجت ومضت مع أمير الركب، الشريف أبي أحمد الموسوي، والد الشريف المرتضي.
وفيها مات الأسيوطي، أبو علي الحسن بن الخضر، في ربيع الأول، روى عن النَّسائي والمنجنيقي.
وفيها الخيّام، خلف بن محمد بن إسماعيل، أبو صالح البخاري، محدّث ما وراء النَّهر، روى عن صالح جزرة، وطبقته. ولم يرحل. ليَّنه أبو سعيد الإدريسي، وعاش ستّا وثمانين سنة.
وفيها الدرّاج، أبو عمر وعثمان بن عمر بن خفيف البغدادي المقرئ، روى عن ابن المجدَّر وطائفة. قال البرقاني: كان بدلاً من الأبدال.
وفيها محمد بن الحارث بن أسد المحاسبي القيرواني، أبو عبد الله الحافظ، نزيل قرطبة، صنّف كتاب الاختلاف والافتراق في مذهب مالك، وكتاب الفتيا، وكتاب تاريخ الأندلس، وكتاب تاريخ أفريقية، وكتاب النَّسب.

.سنة اثنتين وستين وثلاثمئة:

فيها أخذت الروم نصيبين واستباحوها، وتوصّل من نجا إلى بغداد، وقام معهم المطوّعة، واستنفروا الناس، ومنعوا من الخطبة، وحاولوا الهجوم على المطيع، وصاحوا عليه بأنه عاجز مضيّع لأمر المسلمين، فسار العسكر من جهة الملك م، عز الدولة بختيار، فالتقوا الروم، فنصروا عليهم، وأسروا جماعة من البطارقة، ففرح المسلمون.
وفي رمضان، قتل ببغداد رجل من أعوان الوالي، فبعث الوزير الشرازي- قبّحه الله- من طرح النار، من النحاسين إلى السماكين فاحترق ببغداد حريق لم يسمع بمثله، واحترق فيه جماعة كثيرة في البيوت، فأحصي ذلك، فكان ثلاثمئة وسبعة عشر دكاناً، وثلاثمائة وعشرين داراً، وثلاثة وثلاثين مسجداً فاستغاث رجل: أيها الوزير: أريتنا قدرتك، ونرجو من الله أن يرينا قدرته فيك. ثم إن الملك عز الدولة، قبض عليه وسلمه إلى الشريف أبي الحسن. فبعث به إلى الكوفة، وسقي ذراريح، فهلك في آخر السنة.
وفي رمضان قدم المعزُّ أبو تميم العبيدي مصر، ومعه توابيت آبائه، ونزل بالقصر بداخل القاهرة المعزية، التي بناها مولاه جوهر، لما افتتح الإقليم، وقويت شوكة الرَّفض شرقاً وغرباً، وخفيت السُّنن، وأظهرت البدع، نسأل الله العافية.
وفيها توفي عالم البصرة، أبو حامد المروروذي، أحمد بن عامر الشافعي، صاحب التصانيف، وصاحب أبي إسحاق المروزي، وكان إماماً لا يشق غباره، تفقه به أهل البصرة.
وأحمد بن محمد بن عمارة، أبو الحارث اللَّيثي الدّمشقي. روى عن زكريا، خيّاط السنّة، وطائفة. وعمّر دهراً.
وأبو إسحاق المزكِّي، إبراهيم بن محمد بن يحيى النَّيسابوري. قال الحاكم: هو شيخ نيسابور في عصره، وكان من العبّاد المجتهدين الحجّاجين، المنفقين على العلماء والفقراء. سمع ابن خزيمة، وأبا العباس السّراج، وخلقاً كثيراً. وأملى عدة سنين، وكان يحضر مجلسه، أبو العباس الأصم فمن دونه.
قلت: كان مثرياً متموّلاً، عاش سبعاً وستين سنة، توفي بعد خروجه من بغداد، ونقل إلى نيسابور، فدفن بها.
وفيها إسماعيل بن عبد الله بن محمد بن ميكاييل، الأمير أبو العباس، الأديب الممدوح بمقصورة ابن دريد، وتلميذ ابن دريد، وكان أبوه إذّاك متولّي الأهواز للمقتدر، فسمّعه من عبدان الجواليقي.
وفيها أبو بحر البربهاري، محمد بن الحسن بن كوثر، في جمادى الأولى، وله ست وتسعون سنة، وهو ضعيف. روى عن الكديمي، ومحمد بن الفرج الأزرق، وطبقتهما. قال الدّارقطني: اقتصروا من حديثه على ما انتخبته فحسب.
وفيها أبو جعفر البلخي الهندواني، الذي كان من براعته في الفقه، يقال له: أبو حنيفة الصغير، توفي ببخارى، وكان شيخ تلك الديار في زمانه، واسمه محمد بن عبد الله بن محمد، وقد روى الحديث عن محمد بن عويل البلخي وغيره.
وفيها ابن فضالة المحدث أبو عمر، محمد بن موسى بن فضالة الأُّموي مولاهم الدمشقي، في ربيع الآخر، روى عن الحسن بن الفرج الغزّي، وابن قصيّ العذري. قال عبد العزيز الغزّي، وابن قصيّ العذري. قال عبد العزيز الكتّاني: تكلموا فيه.
وابن هاني، حامل لواء الشعر بالأندلس، وهو أبو الحسن وأبو القاسم، محمد بن هاني الأزدي الأندلسي الإشبيلي، وكان منغمساً في اللذات والمحرمات، متهماً بدين الفلاسفة، ولقد همّوا بقتله، فهرب إلى القيروان،
ومدح المعزّ واتصل به، وقد تفضي به المبالغة في المدح إلى الكفر، وشرب ليلةً عند ناس، فأصبح مخنوقاً، وهو في عشر الخمسين، وله ديوان كبير.